نظمت هيئة الربط الكهربائي الخليجي، بالتعاون مع معهد أبحاث الطاقة الكهربائية (إبري)، ورشة عمل متخصصة تحت عنوان "تمكين شبكة المستقبل: استكشاف تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي في أنظمة الطاقة بدول مجلس التعاون الخليجي"، وذلك يومي 29 و30 أبريل 2025، بدولة الكويت.
وقد جمع الحدث نخبة من رواد التكنولوجيا العالميين، بما في ذلك الهيئات والشركات الخليجية المعنية بقطاع الطاقة، والشركة السعودية للكهرباء، وشركة "إنوا" (شركة نيوم للطاقة والمياه)، ومايكروسوفت، وإنفيديا، وأوراكل، ومعهد بحوث الطاقة الأمريكي (إبري)، إلى جانب ممثلين عن الدول الأعضاء في مجلس التعاون، ومتحدثين من كبرى شركات التكنولوجيا العالمية، وخبراء قطاع الطاقة من مختلف دول الخليج.
وشهد اليوم الأول من ورشة العمل مناقشات تقنية مكثفة حول الإمكانات التحولية للذكاء الاصطناعي التوليدي في مجالات تخطيط الشبكات، وتحسين العمليات التشغيلية، وإدارة الأصول المستندة إلى البيانات، كما استعرضت الجلسات نماذج ومنصات عالمية للذكاء الاصطناعي مثل "Copilot"، ومنصة"Open Power AI"، وحلول التوائم الرقمية، والحوسبة المعجلة بوحدات المعالجة الرسومية (GPU)، بهدف تسريع التحليلات المعقدة وتعزيز قدرة الشبكات الكهربائية على الاستجابة للتحديات التشغيلية.
وتركزت المناقشات حول التطبيقات الواقعية للذكاء الاصطناعي التوليدي في مجالات تخطيط الشبكات، والعمليات، والأمن السيبراني، وإدارة الأصول، كما شهد المنتدى تقديم مبادرة "اتحاد Open Power AI"، التي أطلقها معهد إبري كمبادرة عالمية تهدف إلى تعزيز التعاون بين القطاعات لتطوير، والتحقق من نماذج الذكاء الاصطناعي في قطاع الطاقة، ويضم هذا الاتحاد أكثر من 40 عضواً من الولايات المتحدة وأوروبا ومنطقة الخليج، إلى جانب عدد من شركات المرافق العامة وشركات التكنولوجيا، ما يعكس جهداً موحداً لتسريع التحول الرقمي في أنظمة الطاقة حول العالم.
أما اليوم الثاني، فركّز على سُبل تفعيل هذه التقنيات داخل بيئات التشغيل الفعلية لشركات الكهرباء، بدءًا من إدخال مساعدات Copilot إلى العمليات اليومية، وصولًا إلى حالات استخدام دقيقة مثل رصد سلوك استهلاك المركبات الكهربائية، وتحليل الفواتير والأنماط الاستهلاكية الشاذة، واستشراف التغيرات اللحظية في المشاعر لخدمة العملاء، دون المساس بخصوصية البيانات، عبر تشغيل النماذج داخليًا بالكامل.
وتناول المنتدى كذلك التحديات المرتبطة بموثوقية النماذج الذكية، وكفاءة الحوسبة المعتمدة على وحدات المعالجة الرسومية (GPU)، والتخطيط طويل الأمد باستخدام بيانات المناخ، وناقش المشاركون ضرورة مواءمة تطبيقات الذكاء الاصطناعي مع المعايير البيئية لتحقيق اعتماد مستدام، إلى جانب وضع مؤشرات أداء واضحة لمراقبة النماذج وتقييم تأثيرها الفعلي على الشبكة.
وفي هذا السياق، قال المهندس أحمد الإبراهيم، الرئيس التنفيذي لهيئة الربط الكهربائي الخليجي: "نجتمع في وقت يشهد تحوّل قطاع الطاقة نحو منظومة أكثر ذكاءً وتعقيدًا، مما يفرض علينا إعادة تصور شبكات الكهرباء كمنصات ديناميكية متكاملة، الذكاء الاصطناعي التوليدي لم يعد ترفًا تقنيًا، بل أصبح ركيزة استراتيجية تمكّننا من بناء شبكات أكثر مرونة، وتفتح آفاقًا جديدة للتكامل الإقليمي، والربط العالمي، وتقليل الفاقد، وتعزيز الكفاءة التشغيلية بشكل غير مسبوق."
وأضاف المهندس أحمد الإبراهيم: "تمثل هذه الورشة خطوة أولى في رحلة جماعية، هدفها تحويل الإمكانيات التقنية إلى حلول تشغيلية ملموسة، من خلال التعاون الوثيق بين شركات الكهرباء وقادة التكنولوجيا، سننتقل من مرحلة التجارب إلى التشغيل الذاتي الكامل للصيانة وإدارة الشبكات، هذه ليست نهاية الطريق، بل بدايته، والإمكانات المستقبلية للذكاء الاصطناعي في قطاع الطاقة لا تزال غير محدودة."
وقد تخللت أعمال الورشة تفاعلات بناءة بين ممثلي شركات الطاقة الخليجية، الذين استعرضوا دراسات حالة تُظهر كيف يساهم الذكاء الاصطناعي في تحسين كفاءة الشبكات وتقليل الخسائر الفنية، بالإضافة إلى دروس مستفادة من التجارب الدولية، التي أظهرت أن 35% فقط من المؤسسات كانت واثقة بقدرة بنيتها التحتية على دعم الذكاء الاصطناعي، مما يعزز أهمية التخطيط والاستثمار السليم في البنية التحتية الرقمية.
ويُعد الفاقد الكهربائي في دول مجلس التعاون، والذي لا يتجاوز 5%، من أدنى المعدلات عالميًا، وهو ما يضع دول الخليج في موقع مثالي لتوظيف الذكاء الاصطناعي كأداة استراتيجية للارتقاء بالموثوقية والفعالية، وتحقيق قفزة نوعية في إدارة الطاقة.
من خلال هذه الورشة، تؤكد هيئة الربط الكهربائي الخليجي التزامها بقيادة جهود التحول الرقمي في القطاع، وتعزيز التعاون الإقليمي لبناء شبكات ذكية أكثر استدامة وكفاءة، ترسّخ مكانة دول الخليج كنموذج عالمي في الابتكار الكهربائي.